الرئيسية / كلمة العميد

كلمة العميد

بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ من أهم  لوازم صناعة التقدم الفكري في عالم اليوم ــ الذي يعج بالتحديات والمستحدثات ــ وإنجازه أن ينضبط تفكيرنا بالاحتكام الى روح العصر ويتكيف مع متطلباتها السليمة وان يفهم لغتها ، وأن نعلم أن علينا إدراك حركة الحياة  ونظامها لكي نكون مؤهلين لتوليد رؤى وبرامج تستطيع إحداث التقدم الذي نرجوه نحو بناء مستقبل واعد لهذه الأمة المشرفة .
 ويلزم عن هذا أن نوسع دائما من مساحة الحوار مع الآخر وتبادل الآراء والأفكار من أجل ضمان تحصيل ثمرات مشاركة الآخرين عقولهم ومنجزهم .
 كل هذا يحتاج منا أيضاً أن نستشرف المستقبل ونحدد صيغ العمل ومقوماتها بما يؤهل تحقيق النتائج التي نخطط لها .
من هنا لابد لنا أفرادا ومؤسسات أن نعنى بشأن الدين والخطاب  الديني وأن نعيد دراسة التجربة الاسلامية المجسدة في سيرة النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم )وآل بيته الكرام (عليهم السلام ) وصحبه المنتجبين ( رضي الله عنهم ) من قادة المنظور الاسلامي للحياة في بواكيره الأولى    . فضلا عن ضرورة استيعاب المستحدثات وتهيئة واقعنا ودراستنا وبحوثنا ومنجزنا العلمي والثقافي  للاستجابة لها وإيجاد الحلول والمعالجات لآثارها .
ونحن اليوم في حاجة ماسة الى صناعة فهم جديد للنص الديني والخطاب الذي ينطلق من الشريعة الحقة ومن أصولها ، وتوظيف كافة العلوم المتاحة(دينية انسانية ،علمية صرفة ) لهذه المهمة ، وهي مهمة سامية وضرورية في عصر إدلهمَّ فيه الخطب وسادت تيارات واتجاهات فكرية وافهام تحاول تشويهها ومسخ صورة الواقع الذي يحتكم إليها .
هذه المهمة الجليلة تستدعي  البصر الثاقب والبصيرة الحكيمة المفكرة التي تفتح المجال أمام قراءة الواقع وتوظيف الاساليب الناجحة للتعامل معه للارتقاء به بما يضمن تفعيل وضخّ الزخم الايجابي للشريعة ومنظورها ورؤيتها الكونية
علينا إن نعيد تشكيل خطاب الوعي والتنوير الذي لابد منه لاجتياز هذه المرحلة الخطيرة بإعادة بناء أجواء  الألفة والوحدة النفسية والتعايش وتحطيم الحواجزالتي تقف عائقا امام تفرغ الامة لأداء رسالتها الحضارية والإنسانية العالمية
لابدّ لنا من صياغة منظومة فكرية وثقافية جديدة تنجح في الخروج بواقع الأمة من النفق المظلم الذي زُجّت فيه حين سمحت للتوترات والأيديولوجيات أن تحتل واجهة المشهد الذي يمثلها والصورة التي تصنعها وتنتج خطابا متعصبا متطرفا نجح الى حد ما في تهديد منظومة وحدتنا وتعايشنا وتكاملنا وأدائنا لدورنا الانساني وأحدث شرخاً في قيمنا الإنسانية والإجتماعية وأساء لحقوق الإنسان وخلق أجيالا يضعف عندهم حس الانتماء ويسهل ذوبانها في الهويات والأيدلوجيات الدخيلة التي تحاول اختراق الهوية الاسلامية الأصيلة .
كل هذه العوامل والمعطيات نضعها في الحسبان ونحن نسير في كلية الفقه العتيدة الى أعتاب مرحلة جديدة تستوعب تراكم انجازات سابقتها وتنفتح على توظيف زخم التقدم لتعزيز الهوية وتأمين المستقبل بأسسها وقيمها  ومبادئها الاساسية .
 إن الجهد لأكاديمي البحثي والتدريسيَ في كلية الفقه هو لسان حال وذراع تنويري يتولى تحمل مسؤولية جزء مهم من هذه المهمة الجليلة. وإنّنا ليحدونا الآمل بعلمائنا الأجلاّء وإخوتنا الأساتذة الكرام أن نسهم معاً  في إنجاز هذه المرحلة المهمّة في تاريخ هذه الكلية العتيدة إدامة لزخم طاقاتها الكبرى على مدى تاريخها المشرق تلك الطاقات التي تعدُّ اليوم شموساً في سماء المعرفة والدرس الاسلامي ورموزاً مؤثرةً تتمثل بكبار الأساتذة الذين فيها ونوابغ الطلبة الذي تلقوا العلم بين أروقتها  .
وآخر دعوانا …. أنِ الحمد لله رب العالمين .
                                                        أ.د ستار جبر الاعرجي
                                                            عميــد الكليـــــة